قصة المحفز

درس برمجة الحاسوب في جامعة حلب، و تخرّج منها عام 1421هـ، و حرص منذ ذلك الوقت على الإطلاع على جميع برامج القرآن الكريم التي تقع عليها عيناه، و انتهى به المطاف مع صديقه إلى كتابة برنامج للقرآن ضمّناه مزايا لا توجد في غيره.

لقد كان أبرز برامج القرآن التي اطلع عليها هو البرنامج الذي أنتجته شركة "صخر" و الذي تتابع حالياً تطويره شركة "حرف" المنبثقة عن شركة "صخر"، و لعله ما يزال أفضل برنامج للقرآن الكريم إذا ما أردنا المقارنة بشكل عام و إجمالي. و لكن فيه سلبيات، لعل أهمها هي ضرورة وجود القرص الليزري في السواقة أثناء تشغيل البرنامج، و كبر حجم البرنامج الذي يصل إلى عشرات أو مئات الميغا بايتات، و أمور أخرى كمحدودية عدد القراء فيه، أما بقية البرامج التي اطلع عليها فلم تكن في غالبيتها إلا عبارة عن تلاوة جديدة بصوت قارئ جديد، أو أنها لا تحوي الكثير من المزايا، أو لا ترقى إلى مستوى جيد من الإتقان و حسن الأداء.

لهذا كان يتوق إلى برنامج صغير الحجم، خفيف على نظام التشغيل، ليذكـّره يومياً بقراءة صفحة من القرآن، و يمكـّنه من البحث عن كلمة في المصحف و اقتباس الآية المحتوية عليها مضبوطة بالشكل أو بدونه للاستشهاد بها في المقالات و الرسائل التي يكتبها.

و جاء يوم كان يتصفح الانترنت فوجد قاعدة بيانات جيدة تحوي النص القرآني، تصلح لأن يبدأ بناء برنامجه الذي يحلم به، و بتشجيع من الأهل و الأصدقاء قام بكتابة الإصدار الأول من برنامجه و ضمنه الأفكار السابقة و سمّاه (المحفز لتلاوة القرآن الكريم) كتبه باستخدام لغة الفيجوال بيزك6 و جعل شيفرته المصدرية متاحة لمن أراد أن يطوره، كان ذلك أواخر عام 1425هـ، و توالت إصداراته للبرنامج و كان في كل مرة يضيف ميزة جديدة أو أكثر إلى أن أصدر الإصدار الرابع منه أواخر العام 1430هـ و قرر أن تكون تلك النسخة آخر نسخة يصدرها بالاعتماد على لغة الفيجوال بيزك6.

بعد ذلك اتفق و صديقه على أن يُعيدا كتابة هذا البرنامج باستخدام لغة جديدة تعتمد النظام الجديد ويندوز7، فاعتمدا لغة C#2010.Net و قررا جعل البرنامج غير مفتوح المصدر.

شمّرا عن ساعد الجد، و جلسا الساعات الطوال منذ مطلع العام 1431هـ، و على مدى شهرين دأبا على إتقان البرنامج و برمجته و معالجة كل هنة أو خطأ برمجي مهما صغر شأنه، كما استخدما قاعدة بيانات جديدة مدققة و مضبوطة بالشكل الكامل، و أضافا كذلك الرسم العثماني إلى جانب الرسم الإملائي الحديث، كما أضافا لمسات فنية و تصاميم جديدة بمعونة من بعض أصدقائهما، و جعلا من السهل تغيير حجم النص و لونه و لون خلفيته و ذلك لتصبح التلاوة أسهل بالنسبة للمستخدمين الذين يعانون من مشاكل في الرؤية، و أضافا ميزة تسهل تلاوة صفحة في كل ركعة من صلاة القيام (التراويح) إذ قاما بوضع مؤقـِّت يقوم بالانتقال إلى الصفحة التالية تلقائياً بعد مدة يحددها المستخدم مسبقاً، كما أتاحا للمستخدم الاستماع للتلاوة قبل النوم و مكـّناه من أن يطلب من البرنامج أن يقوم بإيقاف تشغيل الحاسوب بعد عدد من الدقائق يحدده هو، و دأبا على استشارة العديد من زملائهما المبرمجين، فأرشدوهما إلى عدد من الأفكار الرائعة قاما بتضمينها في البرنامج، منها أنهما جعلا إضافة القراء إلى البرنامج شيئاً سهلاً و مرناً لا يستلزم الرجوع إليهما، ثم طلبا من أصدقائهما أولئك اختبار البرنامج، و قاما هما بتجربته على عشرات الحواسيب العاملة على مختلف أنظمة ويندوز الموجودة حالياً، فلما اطمأنا إلى جودة البرنامج، أطلقا موقعاً خاصاً به أتاحا من خلاله لزوار الموقع تحميل البرنامج مجاناً و هو الذي لا يتجاوز حجمه 3 ميغا بايت، و ضمناه ما يربو على 28 تلاوة بصوت عدد من أشهر القراء و بروايتَي حفص و ورش و جعلا إحدى التلاوات هي قراءة لمعاني القرآن الكريم باللغة الانكليزية، و هذه التلاوات كلها يتم تشغيلها عبر الانترنت إما مباشرة أثناء الاتصال، أو يقوم المستخدم بتحميلها إلى قرصه الصلب، أو يمكنه أن يستخدم البرنامج دون تلاوة إن لم يتوفر لديه اتصال بالانترنت جيد السرعة بشكل دائم.

و نظراً لأن البرنامج يحتاج إلى تنصيب إطار العمل .Net و لأنه يصبح أجمل و أفضل بوجود التلاوة الصوتية و التي يصعب على كثير من المستخدمين تحميلها من الانترنت لبطء اتصالهم بها و كبر حجم الملفات الصوتية، فقد عملا على توفير خدمة إرسال القرص الليزري إلى من يشاء الحصول عليه إلى مكان إقامته، إذ ما عليه سوى إرسال عنوانه البريدي كاملاً إلى بريد البرنامج الإلكتروني حتى يقوما بإرساله إليه مع برنامج مجاني للأذان.

أما برنامج المحفز نفسه، فقد جعلاه مشترَكاً، أي أنه متاح لمن يشاء أن يحمّله و يستخدمه و يعيد نسخه و توزيعه قبل أن يدفع ثمنه، فإذا ما شاء أن يدفع ثمنه فيمكنه ذلك، و جعلا ذلك موضحاً في اتفاقية الترخيص و تعليمات البرنامج.

و لعلنا نذكر هنا أن بإمكان المستخدمين الحريصين على كسب الأجر أن يساهموا معهما في نشر البرنامج بعدة طرق أشارا إليها في الموقع الإلكتروني، كما أنهما جهّزا شاشة افتتاحية للبرنامج يمكن أن تضاف إليها شعارات شركات أو جهات ترعى التوزيع الخيري للبرنامج؛ تظهر عند بداية تشغيله.

و لقد بلغني أنه و بحمد الله هناك آلاف من المستخدمين يقومون بتحميل البرنامج شهرياً من الموقع، و هم موجودون في شتى أصقاع المعمورة من إندونيسيا إلى كندا، و لأجل أولئك غير الناطقين بالعربية قاما بإضافة أربع لغات أخرى للبرنامج و هما يسعيان لتضمينه تفاسير و ترجمات لمعاني القرآن الكريم بلغات عدة، إذ أنهما أخذا ذلك بعين الاعتبار منذ بداية إعادة كتابة البرنامج، و هما يحرصان على التواصل مع مستخدمي البرنامج و يرحبان بكل اقتراح أو تساؤل و يسعيان جاهدين إلى تقديم الأفضل، وفقهما الله و جزاهما خيراً. آمين.